للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: حديث عمران؛ فإنه يدلُّ أنَّ المنازعة لم تكن تحصل إلَاّ إذا قرأ المأموم السورة التي قرأها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد الفاتحة. إذ لو كانت تحصل بمطلق القراءة بعد الفاتحة، لما استدلَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالمخالجة إلَاّ على أنَّ بعض من خلفه قرأ سورة ما بعد الفاتحة؛ فلمَّا نصَّ على السورة علمنا أنَّ المنازعة إنما كانت تحصل إذا قرأ المأموم السورة التي قرأ بها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "خالجنيها" ظاهرٌ في ذلك.

الثاني: قوله في حديث ابن أُكيمة: "قرأ معي"، فإنك إذا قلتَ: قرأت سورة كذا، وقرأ معي فلانٌ كان الظاهر أنه قرأ معك تلك السورة التي قرأتَها.

وبما قدَّمناه تتفق الأدلة، ونَسْلَم من سوء الظن بالصحابة، ومن دعوى النسخ [ص ٧٢] ونحوه؛ فإنَّ أحاديث الزيادة على الفاتحة لم تصحَّ كما تقدَّم، وإنما عُلمت الزيادة من فعله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ إذ كان يقرأ الفاتحة، ويزيد عليها إمامًا أو منفردًا. فكأنَّ أصحابه رضي الله عنهم قاسوا المأموم على الإمام والمنفرد؛ فكانوا يقرؤون زيادة على الفاتحة خلفه - صلى الله عليه وآله وسلم -، فأقرَّهم على ذلك في السريِّة؛ كما في حديث عمران.

فقد روى البخاري في "جزء القراءة" (١) حديث عمران، من طريق شعبة عن قتادة، وزاد: "قال شعبة: فقلت لقتادة: كأنه كرهه، فقال: لو كرهه لنهانا عنه".

وسيأتي ما يؤيده إن شاء الله تعالى.

وبيَّن لهم بطلان ذلك القياس فيما جهر به، وذلك في حديث عبادة.


(١) (ص ٢١٤).