للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزيادة صحيحة، فيجب تخصيصها بحديث مكحول عن محمود ونافع عن عبادة، مع ما اعتضد به من النصوص العامة.

وكذا آية الإنصات لو فرض أنَّ معناها أمر المأموم بالسكوت حين يقرأ إمامه، فإنَّ عمومها مخصَّصٌ اتفاقًا كما تقدَّم. فتُخصُّ منها قراءته سرًّا بدليل حديث عمران وشواهده. مع القياس أنَّ فائدة السكوت إنما هي الاستماع، ولا معنى لسكوت المأموم في السريَّة.

وتُخصُّ منها الفاتحة مطلقًا لحديث مكحول، مع ما اعتضد به من النصوص العامة في إيجاب الفاتحة، وعموم قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩]، وقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦]، وغيرها من الآيات، التي تقتضي أنه لا يحسب للمأموم ما يصنعه إمامه، والله أعلم.

وأما حديث ابن أكيمة فقد مرَّ الكلام عليه، وقولهم إنه يعمُّ الجهرية والسريَّة خطأ؛ كما يأتي في المسألة الخامسة إن شاء الله تعالى.

[ص ٨٢] ومرَّ الكلام أيضًا على حديث السبيعي، وعلى الإجماع الذي ادَّعاه ابن قدامة.

وأما استدلالهم بسقوط الفاتحة عن المسبوق، فالذي أختاره لنفسي ما اختاره جماعةٌ من أصحابنا الشافعية، واختاره الإمام البخاري، ونقله هو وشيخه علي ابن المديني عن بعض الصحابة. بل قال (١): إنَّ كل من قال من الصحابة بأنَّ المأموم يقرأ الفاتحة قائل بأنه لا يدرك الركعة بدون قراءة


(١) "جزء القراءة" (ص ٢٦٩، ٢٧٠).