وقال البخاري: وقال ابن خُثيم: قلت لسعيد بن جبير: أقرأُ خلف الإمام؟ قال: نعم وإن كنت تسمع قراءته؛ فإنهم قد أحدثوا مالم يكونوا يصنعونه، إنَّ السلف كان إذا أمَّ أحدهم الناس كبَّر ثم أنصت، حتى يظنَّ أنَّ من خلفه قرأ بفاتحة الكتاب، ثم قرأ وأنصتوا.
انظر أسانيد هذه الآثار في «جزء القراءة» للبخاري، و «السنن الكبرى» للبيهقي.
وفي حديث ابن أكيمة ما يُعلم منه أنه لم يقرأ في تلك الواقعة تلك القراءة التي سأل عنها إلَاّ رجلٌ واحدٌ من الصحابة؛ فما ظنك بهم بعد ذلك وقد سمعوا هذا الحديث؟ لا أراك ترتاب أن الظن بهم أن لا يعود أحد منهم لتلك القراءة التي سأل عنها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وقد جاء في آخر حديث ابن أكيمة في بعض الروايات زيادة:«فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه الإمام، وقرؤوا في أنفسهم سرًّا فيما لا يجهر فيه الإمام». وقد حقَّق الأئمة محمد بن يحيى والبخاري وغيرهما أنَّ هذا من كلام الزهري.
وأنا أقول: هَبْهُ من كلام أبي هريرة فإنه يؤكِّد ذلك الظن. فكيف تجمع بين هذا وبين ما سمعته عن راوي هذا الحديث نفسِه وعن جمهور الصحابة؟ فهل هناك جامع غير أن يقال: إنَّ السؤال عن القراءة في حديث ابن أكيمة متوجِّهٌ إلى قراءة غير الفاتحة؟ وكانت عند الصحابة رضي الله عنهم عندما خاطبهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قرينة مبيِّنة لذلك. وأظهر القرائن هو ما تقدَّم،