ويرجح الثاني بأنَّ الآثار عن الصحابة تدلُّ أنه لما وقع هذا السؤال لم يفهموا منه الإطلاق، وإنما ذلك لقيام القرينة.
وبيان ذلك: أنَّ مذهب أبي هريرة نفسه ــ كما تقدَّم ــ وجوب القراءة خلف الإمام ولو جهر. ووافقه على ذلك جمهور الصحابة؛ منهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، [ص ١١] وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وراوي حديث:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» عبادة بن الصامت، شهد العقبتين وبدرًا، وهو أحد النقباء.
وجاء عن جماعة من الصحابة القراءة خلف الإمام مطلقًا؛ منهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأم المؤمينن عائشة، وسيِّد المسلمين أبي بن كعب، وصاحب السرِّ حذيفة بن اليمان، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وهشام بن عامر.
وجاء عن بعضهم القراءة خلف الإمام في الظهر والعصر، ولم ينفوا ما سوى ذلك؛ منهم: عبد الله بن مغفَّل، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص.
واختلفت الرواية عن الحبر عبد الله بن مسعود، والبحر عبد الله بن عباس، والناسك عبد الله بن عمر، وجابر، وأبي الدرداء.
وجاء عن زيد بن ثابت أنه قال:«لا قراءة مع الإمام في شيء»، ولم يُنقل عنه خلاف ذلك.
وقال القاسم بن محمد: كان ابن عمر لا يقرأ خلف الإمام جهر أولم يجهر، وكان رجال أئمة يقرؤون وراء الإمام.