للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الحديث الأول، كما ثبتت في حديث عمران؛ فحذْفها من الحديث الأول وإدراجها في الثاني سهو لعلَّه [ص ٨] من ابن أخي ابن وهب، أو من أبي بكر النيسابوري، أو غيرهما، والله أعلم.

فالحديث الأول يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه حديث عمران من جواز قراءة المأموم غير الفاتحة في السرية.

وأما الحديث الثاني فإن كان الأمر ما ظنناه من أنَّ ذكر «الظهر أو العصر» فيه مدرج، فقد تقدَّم الكلام عليه أنه عام وحديث عمران مع حديث جابر الأول خاص. وإلَاّ فالجمع بين الحديثين بأنَّ المأموم إذا لم يقرأ غير الفاتحة في السرية كَفتْه قراءة الإمام في حصول الثواب، وإن قرأ فلا حرج. ولهذا لم ينهَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الرجل عن القراءة، ولا ذكر له أنها تُخِلُّ بالصلاة، واقتصر على قوله: «قراءة الإمام له قراءة»، وهذا لا يُشعِر بالنهي عن القراءة، وإنما يشعر بأنه إذا لم يقرأ كَفتْه قراءة الإمام؛ أي: فيما سوى الفاتحة كما علمْت. والله أعلم.

ثم حكى الشارح عن ابن قدامة في «الشرح الكبير» قوله: (وممن كان لا يرى القراءة خلف الإمام: علي وابن عباس وابن مسعود وأبو سعيد وزيد بن ثابت وعقبة بن عامر وجابر وابن عمر وحذيفة بن اليمان. وبه يقول الثوري وابن عيينة وأصحاب الرأي ومالك والزهري والأسود وإبراهيم وسعيد بن جبير).

قلت: أكثر هؤلاء اختلفت الرواية عنهم؛ فروي عن بعضهم إيجاب الفاتحة على المأموم ولو في الجهرية. وعن بعضهم إيجابها في السرية فقط. وروي إيجابها ولو في الجهرية عن جماعة من الصحابة غير من ذكر.