تُجزئ صلاةُ من خلفه إذا لم يقرأ. وقال: هذا النبي وأصحابه والتابعون، وهذا مالك في أهل الحجاز، وهذا الثوري في أهل العراق، وهذا الأوزاعي في أهل الشام، وهذا الليث في أهل مصر = ما قالوا لرجل صلَّى وقرأ إمامه ولم يقرأ هو: صلاته باطلة).
أقول: يريد: وقرأ إمامه جهرًا، كما لا يخفى. وبعد أن تواترت السنة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الدالة على أنه لا تُجزئ صلاة من لم يقرأ بالفاتحة، ولم يثبت ما يُخرِج المأموم من هذا العموم؛ بل ثبت ما ينصُّ على أنه داخلٌ فيه، وثبت عن جماعة من الصحابة النصُّ على ذلك، وثبت مثل ذلك عن جماعة من أئمة التابعين، فلا معنى لكونهم لم ينصُّوا على أنَّ صلاة المأموم إذا لم يقرأها في الجهرية باطلة؛ لأنَّ ذلك من السنة المتوترة التي احتجُّوا بها.
فمن زعم أنهم كلهم كانوا يقولون بوجوبها، ويقولون مع ذلك إذا تركها المأموم في الجهرية لا يعيد الصلاة= فعليه البيان، وإلَاّ فالظاهر بيد خصمه. نعم، لم يكونوا يشدِّدون على من رأوه لا يقرأ؛ لعلمهم أنَّ المسألة من مسائل الاجتهاد.
وقد تقدَّم قول البخاري:«وقال مجاهد: إذا لم يقرأ خلف الإمام أعاد الصلاة»، وقال في موضع آخر:«وقال ابن عُليَّة عن ليث عن مجاهد: إذا نسي فاتحة الكتاب: لا تعدّ تلك الركعة».
أقول: وأما مذهب أبي هريرة فمشهور.
ثم إنَّ من أصل الإمام أحمد الثابت عنه: أنَّ الإجماع لا يمكن العلم به، وإنما للعالم أن يقول: لا أعلم مخالفًا، ومن أصله: أن هذا لا يكون حجة يُردُّ بها كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والله تعالى أعلم.