[ص ٥] ثم قال ابن قدامة: «ولأنها قراءة لا تجب على المسبوق؛ فلم تجب على غيره، كالسورة».
أقول: إنما يصحُّ القياس لو ثبت أنَّ السقوط عن المسبوق لا علة له إلَاّ عدم الوجوب، وليس هذا بمسلَّم؛ بل العلَّة في سقوط الفاتحة عن المسبوق عند من يقول به هي التخفيف عنه، لئلَاّ تلزمه المشقة، مع أنه قد أدرك معظم الأركان. وعلى كل حال فهذا القياس معارض للنص؛ فهو فاسد الاعتبار.
مع انَّ البخاري رحمه الله تعالى اختار أنَّ من أدرك الإمام راكعًا فركع معه لم تُحسَب له ركعة، ونقله عن جماعةٍ من الصحابة، وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.
قال الشارح:(ولأنَّ الفاتحة وسائر القرآن سواء في سائر الأحكام، فكذلك في الصلاة).
أقول: يُطلَب جواب هذا القياس من الذي قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}[الحجر: ٨٧]، والمراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم: الفاتحة كما في الصحيح. والقائل:«قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل»، ثم فسَّر الصلاة بالفاتحة. ومن القائل:«لا تُجزِي صلاةٌ لا يُقرأ فيها بأم القرآن».
ثم قال الشارح: (وقال الإمام أحمد رحمه الله وغيره: إنه يُستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وفيما لا يجهر فيه، وإنما ذهبوا إلى أن يقرأ فيما يجهر في سكتات الإمام، لئلا تلزم القراءة حين قراءة الإمام. وفي السر لم يطَّلِع المأموم على سكتات الإمام فيجب عليه أن لا يقرأ في السرِّ مطلقًا؛ لأنه