وسنعقد لهذا الحديث فصلًا مستقلًّا، إن شاء الله تعالى.
وزَعْم الشارح أنَّ هذا الحديث ناسخٌ، فيه كلامٌ سيأتي قريبًا، إن شاء الله تعالى.
قال الشارح:(قوله: «فإنه لا صلاة ... » إلخ؛ فيه دلالة على أنَّ قراءة أم القرآن خلف الإمام إنما هو لكونها فرضًا ... ثم نُسِخت فرضيتها أيضًا في الصلاة فيما بعد؛ كما رواه ... عن أبي هريرة:«أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - انصرف من صلاةٍ جهرَ فيها بالقراءة؛ فقال: هل قرأ معي أحدٌ منكم آنفًا؟ قال رجلٌ: نعم يا رسول الله، قال: إني أقول مالي أُنازَع القرآن». هذا لفظ النسائي).
أقول: هذا حديث ابن أُكيمة، وقد تقدَّم الكلام عليه، وسأتتبَّعُ هنا كلام الشارح.
قال:(الاستفهام فيه للإنكار).
أقول: هذا إخراجٌ له عن حقيقته بلا دليل، وقد أجابه الرجل بقوله: نعم، أنا يا رسول الله. والاستفهام الإنكاري لا يستدعي الجواب.
والمتقدِّمون إنما فهموا النهي من الحديث من وجوهٍ أخر.
أحدها: أنَّ الاستفهام يدلُّ أنهم لم يكونوا مأمورين بالقراءة قبل ذلك؛ إذ لو كانوا مأمورين بها لكان - صلى الله عليه وآله وسلم - عالمًا بأنهم يقرؤون، فكيف يستفهمهم؟
وهذا الوجه يردُّ دعوى الشارح أنَّ هذا الاستفهام إنكاري؛ إذ كيف ينكر عليهم أمرًا عملوه طاعةً لله ورسوله، فلو أراد النسخ لقال:«كنتُ أمرتكم بالقراءة فلا تفعلوا» أو نحو ذلك.