العام على الخاص؛ فيعمل بالخاص في خصوصه، وبالعام فيما سواه، ومذهب الحنفية التوقُّف، والعمل بالراجح. وقد قدَّمنا أنَّ حديث عبادة هو الراجح.
هذا كلَّه مجاراة، والصواب ما قدَّمناه: أنَّ الحديثين عن قصة واحدة، والله أعلم.
ثم قال الشارح:(وحملُ حديث أبي هريرة على ما عدا الفاتحة تعسُّف؛ بل علة الشارع فيه العموم؛ لأنَّ الشارع منع عن القراءة مطلقًا، وبيَّن علَّة النهي المنازعة. وقراءة الفاتحة وغيرها مشتركة في المنازعة؛ سواء فيها بدون فرق، فهذه العلَّة تجري في قراءة الفاتحة كما تجري في قراءة غيرها، سواء بسواء).
أقول: إنما التعسُّف ما كان بغير حجَّة، وقد قدَّمنا الحجة في ذلك، ولو لم يكن على الحمل المذكور دليل إلَاّ ما عُرِف من فتوى أبي هريرة لكان كافيًا لمنع الشارح عن أن يقول: تعسف؛ لأنَّ مذهب إمامه أنَّ فتوى الراوي بخلاف مرويِّه تمنع الاحتجاج بمرويِّه. والشارح نفسه قد احتجَّ بمثل هذا؛ كما سيأتي نقله إن شاء الله تعالى.
وأما قوله:(إنَّ الشارع بيَّن أنَّ العلَّة المنازعة، وهي موجودة في قراءة الفاتحة)؛ فهذه دعوى لا دليل عليها؛ لأنّ المنازعة على ما يقتضيه صنيع الشارح فيما مرَّ، وهو الذي يظهر لي أمرٌ روحاني كان يعرض للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عندما يقرأ المأمومون معه.
ولسنا ندري هل كان يعرض له إذا قرأ المأمومون الفاتحة، أم كان لا يعرض له إلَاّ إذا قرأوا غيرها، أم كان لا يعرض له إلَاّ إذا قرأ أحد المأمومين