فإن قلت: أنا أختار أنه متقدِّمٌ، وأقول بمذهب الحنفية؛ أنَّ العام المتأخر ينسخ الخاص [ص ٢٠] المتقدَّم.
قلنا: فما دليلك على تقدُّم حديث عبادة؟
قال الشارح:(لأنه لو كان أبو هريرة قبل حديث عبادة يلزم أنَّ الصحابة يقرؤون خلف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد نهيه عنها، وهو بعيد).
قلنا: فقد بقي أبو هريرة نفسه يفتي بالقراءة بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، هذا وهو راوي الحديث. وهكذا عبادة؛ بقي بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقرأ وراء الإمام في ما يجهر فيه الإمام، ويفتي بذلك. فما بالك بغيرهما؟
ولعلهم لم يفهموا مما رواه أبو هريرة نهيًا؛ لأنه ليس بصريح. ولعلَّ من قرأ منهم في حديث عبادة لم يكن سمع الحديث الذي رواه أبو هريرة، وقد بقي بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - طائفة من جلَّة الصحابة ــ منهم أمير المؤمنين عمر، وسيِّد المسلمين أبي بن كعب، وغيرهما ــ يقرؤون خلف أئمتهم ويفتون بذلك. وقد تقدَّم كلام البخاري رحمه الله تعالى، وسيأتي زيادة عليه إن شاء الله تعالى.
وفي كتاب «الاعتبار» للحازمي فصل نقله عن الحميدي، أوضح فيه أنَّ حديث عبادة هو الناسخ لحديث أبي هريرة؛ فانظره فيه إن شئت.
وأنت إذا تدبَّرت ما ذكرناه وآثرت الحق فلا أقلَّ من أن تتوقَّف عن الحكم لأحد الحديثين بالتقدُّم.
وعلى هذا فمذهب الشافعي وجمهور العلماء رحمهم الله تعالى حمل