فإن قيل: هب أنَّ القصة واحدة فإنَّ في حديث عبادة زيادة معارضة لما يفهم من حديث أبي هريرة من الإطلاق.
قلت: غايته أنه يجب الترجيح بينهما، ولا ريب أنَّ حديث عبادة أرجح؛ لأنَّ سنده أثبت، ولأنَّ راويه ــ وهو عبادة ــ كان يعمل ويفتي على وفقه، وأبو هريرة كان يعمل ويفتي على خلاف إطلاق حديثه.
وحديث عبادة موافق لقوله تعالى:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ}[الأعراف: ٢٠٥]، على ما تقدَّم في الكلام على آية الإنصات.
وموافق لحديث عمران بن الحصين.
وموافق لعموم دلائل وجوب الفاتحة، وغير ذلك.
وله شواهد من حديث أنس، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما، سنذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فإن لم تقنعك الدلائل المتقدِّمة على اتحاد القصة أو ردِّ رواية ابن أكيمة فلا علينا أن نجاريك في ذلك؛ فنقول: هب أنَّ حديث ابن أكيمة ثابت، وأنهما واقعتان.
فلا يخلو أن يكون حديث عبادة متقدِّمًا أو متأخرًا.
فإن كان متقدِّمًا فهو مخصِّص لحديث أبي هريرة؛ على قول الشافعية والجمهور إن العام المتأخر لا ينسخ الخاص المتقدِّم؛ بل يُعمل بهما معًا، فيُحمَل الخاص على خصوصه، والعام على ما بقي.
وإن كان حديث عبادة متأخرًا فهو ناسخٌ لحديث أبي هريرة عند