وغاية الأمر أنَّ عبادة زاد زيادة سكت عنها أبو هريرة، ولكنه كان يفتي بمقتضاها.
هذا مع أنَّ ابن أكيمة ليس بالمشهور.
وقد قال فيه ابن سعد:«روى عنه الزهري حديثًا واحدًا، ومنهم من لا يحتجُّ بحديثه، ويقول هو مجهول».
وقال أبو بكر البزَّار:«ابن أُكيمة ليس مشهورًا بالنقل، ولم يحدِّث عنه إلَاّ الزهري، وقال الحميدي: هو رجلٌ مجهول».
وقدَّمنا أنَّ من قوَّاه استند إلى مستند ضعيف؛ وهو أنه حدَّث سعيد بن المسيِّب والزهري يسمع.
فمثل هذا إذا روى حديثًا عن صحابي، وكان ذلك الحديث مخالفًا لمذهب ذلك الصحابي، وكان لمذهب ذلك الصحابي دليل ثابت لم يشكَّ متدبِّر في وجوب ردِّ تلك الرواية أو تاويلها، والتأويل هنا قريب.
وكأنَّ أبا هريرة كان بعيدًا في تلك القصة؛ فسمع بعض كلام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وخفي عليه آخره، فأخبره غيره من الصحابة بحاصله.
ولذلك ــ والله أعلم ــ ترك رواية القصة فلم يروِها عنه أصحابه المشهورون، وعددهم لا يحصى، وروايتهم عنه مملوءة بها كتب الحديث.
وحدَّث بها مرَّةً واحدةً سمعها منه هذا الرجل إن كان سمعها، وعسى أن يكون أبو هريرة لما ذكرها ذكر معها ما يدلُّ على استثناء الفاتحة، فلم يحفظه ابن أكيمة، والله أعلم.