هي قراءة غير الفاتحة، وقراءة غير الفاتحة غير واجبة؛ فينبغي أن يُلحظ هذا الوصف؛ فيقال: المنازعة لغير موجب.
ولو سلَّمنا إلغاء هذا الوصف، وثبوت أنَّ العلَّة هي المنازعة مطلقًا فلا نسلِّم أنها كانت تحصل منازعة بسبب قراءة الفاتحة.
ولا يلزم من حصول المنازعة بغير الفاتحة حصولها بالفاتحة؛ لأنَّ المنازعة أمرٌ روحاني لا يدرك بالقياس.
ولو سلَّمنا حصول المنازعة بالفاتحة فغايته أن ينتظم القياس، ولكنه يكون فاسد الاعتبار؛ لمعارضته النص في حديث عبادة على وجوب الفاتحة، ولو أدَّت إلى المنازعة، والقياس لا ينسخ النص.
ولو فرضنا أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - نهى المقتدين به عن قراءة الفاتحة معللًا ذلك بالمنازعة فلا يلزم من ذلك عدم وجوب الفاتحة على المأموم مطلقًا؛ لاحتمال أنها سقطت عنهم دفعًا للمنازعة، كما يسقط القيام عن العاجز.
وعلى هذا فلا يدلُّ ذلك إلا على سقوط الفاتحة عن المقتدي برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأنَّ المنازعة مخصوصة به - صلى الله عليه وآله وسلم -، فأما غيره فإنه لا يحسُّ بمنازعة، كما هو مشاهد.
والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، والله أعلم.
ثم قال الشارح:(وكذا القول بنسخ حديث أبي هريرة لا يصحُّ؛ لما بيَّنا أنَّ حديث أبي هريرة بعد حديث عبادة).
أقول: قد تقدَّم أنَّ ما استُدِلَّ به على تأخر حديث أبي هريرة يدلُّ على وجوب حمله على ما دون الفاتحة؛ بل دلالته على هذا أوضح.