للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما القرض فإن المنع فيه من الزيادة لا يؤدي إلى انقطاعه؛ لأن الناس حريصون على كنز ما تغلب الحاجة إلى إقراضه، وهو النقد والطعام.

والقرض مع التوثق أنفع لهم من الكنز، هذا مع ما يتبع [القرض] من الفوائد التي تقدم ذكرها.

الجواب الثاني: أن الربح الذي يُرجى للمقرض لو لم يقرض، وللبائع بنسيئةٍ لو باع بنقد، وللمُسلِم لو لم يُسلِم، إنما يُرجى لهم إذا اتَّجروا وباعوا واشتروا، فإذا أقرض ذاك، وباع [هذا] بنسيئة، وأسلم هذا، فمن يعلم أنهم لو لم يفعلوا ذلك [ ... ] يتَّجرون ويبيعون ويشترون، أم يكنزون. [ص ١٥/ ٢] ذلك غيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، وأقرب ما يتصور أن يُناط به الحكم نيتهم، ولكن النية أمر خفي أيضًا؛ لأنه لا يُعلم إلا من جهتهم، ولا ينبغي تصديقهم؛ لأنهم يتّهمون، فقد يكون نية أحدهم الكنز، ولكن إذا علم أنه لا يحكم له بالزيادة إلا [ ... ن] يريد أن يتجر ويبيع ويشتري، حملَه حبُّ الربح على دعوى ذلك.

فاقتـ[ـضى ذلك أن] يناط الحكم بضابط ظاهر يطلع عليه العاقدان والشهود والحكام وغيرهم، فكان أقرب ما يفي بهـ[ـذا ... ] اعتبار العوض، فإذا كان العوض من جنس المدفوع أو ما يقرب منه كان شرط الزيادة ربا؛ لأن تحري المعطي أن يكون العوض كذلك قرينة على أنه ينوي كنز هذا الجنس.

وإن كان العوض مباينًا للمدفوع كان الربح حلالًا؛ لانتفاء الضابط القائم مقام نية الكنز.