للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا إذا سارت المعاملة سيرًا طبيعيًّا، فأما إذا كانت لو جرت على طبيعتها لكانت من الأول، ولكن احتال العاقدان أو أحدهما حتى صوراها بصورة الثاني ــ كما يأتي في العِينة ــ فإنه يجب أن تردَّ إلى سواء الطريق، فيحكم فيها بحكم الأول.

وهكذا ينبغي في عكس ذلك إذا كانت هناك تهمة، كأن يَعْمِد وصيٌّ إلى سلعة من مال يتيمه فيبيعها، ثم يقرض ولده ثمنها إلى أجل، فينبغي أن يغرم ما نقص من ثمن السلعة لو باعها إلى مثل أجل القرض.

فأما حيث لا تهمةَ فلا، كأن يلتمس زيد من عمرو قرضًا، فيقول له: ارجع إليّ بعد ساعة، ثم يبيع سلعة من رجل ثالث بدراهم نقدًا، ويُسلِم الدراهم إلى زيد قرضًا حسنًا.

فإن سمِّيتْ هذه حيلةً فهي حيلة يقصد بها فعل الخير والمعروف، فلا ينبغي إبطالها.

فإن قلت: فإذا أقرض تاجرٌ رجلًا دراهم، وشرط عليه زيادة، والمقرض يدعي أنه كان يريد أن يتجر بدراهمه، واعترف المستقرض بذلك.

قلت: لا التفاتَ إلى اعتراف المستقرض؛ لأنه نفسه متهمٌ بأنه يُمهِّد باعترافه هذا لأن يقترض من صاحبه ثانيًا وثالثًا وهكذا، ويخاف إن لم يعترف له تلك المرة أن لا يقرضه مرة أخرى، وقد حرم الشارع الأخذ بالربا، كما حرم الإعطاء به، مع أن النية غيب لا يدركها المستقرض تحقيقًا، وإنما يمكن الاستدلال عليها بقرائن، وقد تكون تلك القرائن مصطنعة، والقرينة الواضحة نادرة.