يعوِّض الممطولَ عما علم أنه فاته، ويعاقب الماطلَ عما علم أنه فوَّته.
والطاغوت الذي يقضي بالربح إنما يضبطه بما جرى به العرف في الربا، والربا في الشريعة باطلٌ، فلا يصح أن يُضْبط به.
وفي القوانين الطاغوتية كثير من الأحكام التي يَعْدِلون فيها عن تعويض من حصل عليه النقص إلى عقوبة الظالم، فلا وجه لأن يستبعدوا على رب العالمين أن يقضي بشيء من هذا الضرب، فيما نعلم أنه لا يمكن وضع قانون مطابق للعدل يمكن أن يعرفه الناس، ويستطيعون تطبيقه.
[ص ١٥/ ٥] ومع هذا فقد أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ذلك نَصْب الحكام، وإقامة الأحكام، فإن كان في بلد المتداينين حكومة تقيم الحق، فالممطول متمكن من الشكوى إلى الحاكم وقتَ حلول الدين، فإن أخَّر مع قدرته فهو المقصِّر.
ولو شُرِع تضمينُ الماطل بربح مالًا يوشك أن يتراخى الممطول عن المطالبة أو عن الجدِّ فيها، ليأخذ الربا، فصار كأنه أقرض بشرط الربا، ويوشك أن يقول الرجل لمن يُداينُه: اكتب الدين إلى أجل ثلاثة أيام فقط، ومع ذلك لك أن تؤخره شهرين أو ثلاثة مثلًا، ولكن بربا، فإن أعطيتني الربا فذاك، وإلا ادعيتُ عليك عند الحاكم: أنك مَطلتَني، فيحكم عليك بالربا.
وأما القرض فالأمر فيه أظهر، فإن أكثر العلماء يقولون: إنه لا يؤجل، فعلى هذا ربما أقرض الرجل صاحبه، وصاحبه يؤمِّل أن لا يطالبه إلا بعد شهرين مثلًا، فتربص المقرض حتى أنفق المستقرض المال ثم طلبه، فلا يتمكن المستقرض من قضائه حينئذٍ، فيقول: قد مطلني، فأنا أطلب منه الربا.