للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: "فلا تركن عليه" صوابه: "فلا تَزْكَنْ عليه"، من الزكن، وهو الظن، أي: لا تتهمه إن كان زكنك خطأً لا دليل لك عليه.

ويعلم مما تقدم أنه لو علم تواطؤهما على التوصل إلى الربا، أو اعترفا بأن نيتهما ذلك، صحَّ الحكم بحرمته.

وكذلك إذا كانت النية التوصل، ولم يظهر لنا ذلك، فإن الحرمة ثابتة على الناوي.

ويبقى النظر في صورة البيع الأولى وصورته الثانية، الحكم ببطلانهما أو أحدهما، ففي "فتح الباري": "والتحقيق أنه لا يلزم من الإثم في العقد بطلانه في ظاهر الحكم، فالشافعية يُجوِّزون العقود على ظاهرها، ويقولون مع ذلك: إن من عمل الحيل بالمكر والخديعة يأثم في الباطن" (ج ١٢ ص ٢٧٤) (١).

ذكر ذلك بعد أن نقل عن "إعلام الموقعين" (٢) كلامًا فيه تنزيه الشافعي عما ينسبه إليه أصحابه، وفيها: "وكذا في مسألة العينة، إنما جوز أن يبيع [ص ١٧] السلعة ممن يشتريها، جريًا منه على أن ظاهر عقود المسلمين سلامتها من المكر والخديعة، ولم يجوِّز قطُّ أن المتعاقدين يتواطآن على ألف بألف ومئتين، ثم يحضران سلعة تحلل الربا، ولاسيما إن لم يقصد البائع بيعها، ولا المشتري شراءها".

وقال في "الفتح" أيضًا: "نص الشافعي على كراهة تعاطي الحيل في


(١) (١٢/ ٣٣٧) ط. السلفية.
(٢) (٣/ ٢٩٣).