فهذا النوع الثالث ــ أعني الذي فيه منفعة معلومة للبائع أو للمشتري ــ يصح عندهم إذا كان شرطًا واحدًا، ويبطل البيع إذا كان شرطين. وفسروا الشرطين باشتراط منفعتين، قال في "الروض المربع": "كحمل حطبٍ وتكسيره، وخياطة ثوب وتفصيله"(١).
ومن الشروط في مذهبه ما هو فاسد، وهو ما ينافي مقتضى العقد، فتارة يبطل الشرط ويصح العقد، كاشتراط المشتري أنه إذا لم ينفق المبيع رده، أو أن لا يبيع المبيع ولا يهبه ولا يعتقه، وتارةً يبطل العقد أيضًا، كاشتراط عقد آخر، كأن يقول: بعتك بشرط أن تقرضني، وتارة لا ينعقد البيع من أصله، كقول الراهن: إن جئتك بحقك، وإلا فالرهن لك، وكذا كل بيعٍ عُلِّق على شرط مستقبل، [ص ٢١] وتمام التفصيل في كتبهم.
والحاصل: أن الشرط الذي يجوز عندهم إذا كان واحدًا، ويبطل البيع إذا كان شرطين= هو ما كان في مصلحة البيع، وفيه منفعة معلومة لأحد العاقدين. ومثَّلوه بأن يشتري حطبًا، ويشترط على البائع حمله إلى موضعٍ معلومٍ أو تكسيره، أو يشتري ثوبًا، ويشترط على البائع تفصيله أو خياطته، فيصح. ولو اشترط مشتري الحطب حمله وتكسيره، أو اشترط مشتري الثوب تفصيله وخياطته، كان قد جمع شرطين، فيبطل البيع.
والشرط الذي تضمنه بيع العهدة ليس من مقتضى البيع، ولا من مصلحته، بل هو من المنافي، وفي المنافي عندهم تارةً يلغو الشرط ويصح البيع، ومن أمثلته عندهم الخيار المجهول كما تقدم، ومثله فيما يظهر الخيار إلى مدة معينة مع شرط أن المشتري إذا مات يقوم ورثته مقامه.