فإن قيل: ولماذا تختص العقوبة بالمشتري مع أنهما جميعًا شريكان في الإثم؟
قلت: يمكن أن يقال: إن الغالب على البائع أن يكون محتاجًا. على أنه إذا جعل رهنًا ــ كما هو معنى هذه المعاملة في الحقيقة ــ فليس هناك عقوبة، بل هناك صورة عقوبة عليهما معًا، فعقوبة المشتري حرمانه من الغلة، وعقوبة البائع حرمانه من أن يكون المبيع في ضمان المشتري.
ونكون بهذا الحكم قد رجعناهما إلى ما شرعه الله لهما مما أرادا أن يفرا منه. والله المستعان.
وفي حاشية الدسوقي في النذر بعد قول المتن والشرح:""(وإنما يلزم به) أي النذر (ما ندب)" ما لفظه: "يعني مما لا يصح أن يقع إلا قربةً، وأما ما يصح وقوعه تارةً قربة، وتارةً غيرها، فلا يلزم بالنذر، وإن كان مندوبًا، كالنكاح والهبة" (ج ٢ ص ١٤٤).
هذا، وما تقدم عنهم من أن التبرع بالوعد بعد العقد لا يضر، ويستحب الوفاء به، شرطه عندهم أن يكون تبرعًا محضًا.
قال الباجي: "مسألة: وأما إن تطوع المبتاع بعد كمال العقد، وملكه للمبيع، فقال أصبغ: إذا سلما من مداهنة أو مواعدة فذلك جائز". "المنتقى" (ج ٤ ص ٢١١)(١).
فأما إذا كان للمشتري عادة أن من باع له مثل هذا البيع يعده بالإقالة، فإن مالكًا نصَّ في ما يشبه هذا بأن العادة بمنزلة الشرط في صلب العقد. انظر