للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ستعلمه في تفصيله إن شاء الله تعالى.

وعلى كل من الثلاثة فإنما اشترط الادّخار؛ لأن ما لا يُدَّخر لا تَقوى التهمةُ بإرادة الاحتفاظ به ولا باحتكاره.

والبر والملح وإن لم يتقاربا بحيث يغني كل منهما غناء الآخر في الجملة، لكنهما مما جرت العادة بالتقارض فيه كثيرًا، فقوي معنى الحيلة على الربا، وأما بالنظر إلى الاحتكار، فلا يشترط فيه التقارب كما سيأتي.

وبعد، فالراجح أنه رأى العلة في النهي عن بيع الفضة بالذهب نساءً هو الربا فقط؛ لأمور:

الأول: أنه روى حديث عمر بلفظ: "الذهب بالورق ربًا إلا هاءَ وهاءَ، والبر بالبر ربًا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربًا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربًا إلا هاء وهاء". رواه مالك (١) عن ابن شهاب عن مالك بن أوس، فذكر قصة، ثم ذكر قول عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فذكره.

وفي "فتح الباري": "قال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك فيه، وحمله عنه الحفاظ، حتى رواه يحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي عن مالك، وتابعه (يعني تابع مالكًا في روايته عن الزهري هكذا) معمر والليث وغيرهما، وكذلك رواه الحفاظ عن ابن عيينة (عن الزهري)، وشذ أبو نعيم عنه (أي عن ابن عيينة) فقال: "الذهب بالذهب"، وكذلك رواه ابن إسحاق عن الزهري". "الفتح" (ج ٤ ص ٢٥٩) (٢).


(١) في "الموطأ" (٢/ ٦٣٦، ٦٣٧).
(٢) (٤/ ٣٧٨) ط. السلفية. وانظر "التمهيد" (٦/ ٢٨٢ ــ ٢٨٤).