للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: وابن إسحاق ليس بحجة فيما خالف فيه، على أن القصة تشهد أن الرواية كما ذكره مالك ومن معه.

وحاصلها: أن عمر إنما ذكر هذا الحديث إنكارًا على من أراد صرفَ ذهبٍ بورق، والورق مؤجل، فقال: "واللَّهِ لا تفارقه حتى تأخذ منه" فذكر الحديث.

فلو كان لفظ الحديث: "الذهب بالذهب ربًا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ... " لما كان فيه شاهد ظاهر للإنكار.

والحديث في "الصحيحين" (١)، ولم أجد حديثًا صحيحًا مصرحًا بأن البر بالشعير أو التمرِ إلى أجل ربًا.

الثاني: أن معنى الربا ظاهرٌ جدًّا في الدنانير بالدراهم نساءً، وما نسبة الدراهم إلى الدينار إلا كنسبة القطع الصغار المضروبة من الذهب إلى القطعة الكبيرة، كما لو ضُربت قِطَعٌ صغار من الذهب كل منها ثمن دينار، فالثمان منها دينار، فكما يكون اشتراء عشر منها بدينار ــ والقطع مؤجلة ــ ربًا ظاهرًا، فهكذا لو كان صرف الدينار ثماني رُبيّات، فاشترى عشر رُبيّات بدينار، والربّيات مؤجلة، وما لم يكن مضروبًا تبع للمضروب؛ لأنه يمكن ضربه، كما تقدم.

فأما الأقوات بعضها ببعض، فهي على الاحتمالات الثلاثة. والله أعلم.

[ص ٣٩] ولنعقد لأحكام هذه الستة بابين:


(١) البخاري (٢١٧٤) ومسلم (١٥٨٦).