للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأخذ عشرة دراهم ليدفع دينارًا بعد مدة؛ لأنه يعدُّ الأجلَ ربحًا؛ لرجائه أنه إذا أخذ الدينار ليدفع عشرين درهمًا بعد ستة أشهر، يجد من يأخذ منه الدينار بعشرين درهمًا إلى أربعة أشهر، وإذا أخذ عشرة دراهم بدينار إلى ستة أشهر يجد من يأخذها منه بدينار إلى أربعة أشهر. وقِسْ على ذلك أحد الأربعة بآخر منها.

فإن اتفق أن يكون متبايعا الذهب بالفضة وأحدُهما مؤجل، غير محتكرينِ للذهب والفضة، ولا قصد أحدهما ربحًا من جهة الزيادة، ولا من جهة الأجل، فهذه جزئيات خاصة، لا تمنع عموم الحكم كما قررناه في أول الرسالة، ومثَّلناه بحدِّ الزنا.

[ص ٤٦] وأما بيع أحد الستة بجنسه فاحتمال الاحتكار أقوى، فالمتبايعان ذهبًا بذهبٍ قد ظهر حرصُ كلٍّ منهما على جنس الذهب، إذ لم يدفع ذهبه إلا بذهبٍ مثله.

لكنه إذا كان يدًا بيد، فإن كانا متماثلين من كل وجه، كدينار بدينار مثله، فهذا ليس من مقاصد العقلاء، وإنما أباحه الشارع؛ لأنه لا ضرر فيه، ولو منعه لم يلزم من ذلك تضييق عليهما، ولا على أحدهما.

فإن قيل: قد يتفق القصد والتضييق، كأن يقول رجل: امرأتي طالق إن لم أُخرِج هذا الدينار من ملكي اليوم، فله غرض في إخراجه من ملكه، ، فإذا أُبيح له أن يبدله بدينار آخر حصل غرضُه، ولو مُنِع منه لاضطر أن يصرفه، أو يشتري به عرضًا، أو يهبه مثلًا، فإذا كان محتكرًا كان في المنع تضييقٌ عليه.

قلت: هذه الصورة ومثلُها من النادر الذي لا ينتقض به الحكم العام، كما قررناه في أول الرسالة.