للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم يكونا متماثلين من كل وجه، فإما أن يستويا قدرًا: وزنًا في الذهب والفضة، وكيلًا في الباقي، وإما أن يختلفا.

فإذا استويا قدرًا، فالغالب أن يكون أحدهما أفضل وصفًا: جودةً أو صنعةً، فَرِضا صاحبِ الأفضل بالخسران يدل أنه ليس بمحتكر، إذ من شأن المحتكر الحرصُ على الربحِ وتجنُّبِ الخسارة.

فإن كان في كلٍّ منهما فضلٌ ليس في الآخر، كدينار بخاتم ذهب، في الدينار فضيلة الضرب، وفي الخاتم فضيلة الصنعة، فإن لم تتعادل الفضيلتان، كأن كان قيمة الخاتم لو بيع بدراهم عشرين درهمًا، وصَرْفُ الدينار سبعة عشر درهمًا، أو عكس ذلك، فكالذي قبله.

أما تعادلُهما فنادر، ولا يكاد ينضبط، فلهذا ــ والله أعلم ــ أُلحِق بما قبله.

وأما إذا كان أحد العوضين مؤجلًا، فإن كان ذلك العقد لو وقع يدًا بيد لما صح، فبالأولى أن لا يصح إذا كان نسيئةً، ولو أجيز بعض ذلك نسيئةً لاحتال كلُّ متعاقدينِ يريدانِ أن يتعاقدا بما لا يحل نقدًا، فأخَّرا أحدَ العوضين يومًا أو يومين، حيلةً لتصحيحِ العقد.

وإن كان ذلك العقد لو وقع يدًا بيدٍ لجاز، فقد قدَّمنا أن الجواز هناك إنما هو لرضا أحدهما بالخسارة، وذلك دليل أنه ليس بمحتكر، فإذا كان نَساءً فيمكن أن يكون محتكرًا، ولكنه جبر النقصان بالأجل، كخاتم ذهبٍ وزنُه دينار، وقيمته في السوق عشرون درهمًا، بِيعَ بدينارٍ مثلِه في الوزن، ولكن صَرْف الدينار في السوق خمسة عشر درهمًا، وأجَّلا الدينار إلى شهرين مثلًا، فكأن صاحب الدينار جبر الخسارةَ بالأجل.