للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهورًا متعارفًا في الجاهلية. وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كلَّ شهر قدرًا معيَّنًا، ويكون رأس المال باقيًا، ثم إذا حلَّ الدين طالبوا المديون برأس المال، فإن تعذَّر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل. فهذا هو الربا الذي [كانوا] يتعاملون به».

وقال ابن العربي في «أحكام القرآن» (١) كما نقله صاحب الاستفتاء أيضًا: [ق ٩] «وكان الربا عندهم معروفًا، يبايع الرجلُ الرجلَ إلى أجل، فإذا حلَّ الأجل قال: أتقضي أم تُربي؟ يعني أم تزيدني على ما لي عليك، وأصبِرُ أجلًا آخر».

وقال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢) كما نقله صاحب الاستفتاء أيضًا: «إن ذلك الربا ــ يعني في حديث «الربا في النسيئة» ــ إنما عنى به ربا القرآن الذي كان أصله في النسيئة، وذلك أن الرجل كان يكون له على صاحبه الدينُ فيقول له: أجِّلْني منه إلى كذا وكذا (على كذا وكذا) (٣) درهمًا أزيدها في دينك».

وقد رد المستفتي كلَّ ما قيل في ربا الجاهلية فقال: «لم يتبيَّن إلى الآن بسند مرفوع ربا الجاهلية في أي شيء كان؟ فهو مجهول».

أقول: سواءٌ علينا أَعَرفنا ربا الجاهلية أم لم نعرفه، ينبغي لنا تحقيق الربا في اللغة، فإنه على فرض معرفة ربا الجاهلية لا يخرج عن كونه هو الربا


(١) (١/ ٢٤١).
(٢) (٤/ ٦٥).
(٣) ما بين القوسين من المؤلف، وعند الطحاوي: «بكذا وكذا».