للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخبر أن تلك الزيادة المشروطة إنما كانت ربا في المال العين، لأنه لا عوضَ لها من جهة المقرض. وقال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠]، فأبطل الله تعالى الربا الذي كانوا يتعاملون به، وأبطل ضروبًا من البياعات سمَّاها ربًا، فانتظم قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] تحريمَ جميعها لشمول الاسم عليها من طريق الشرع». (ج ١ ص ٤٦٥).

وحاصله: أن العرب لم تكن تعرف للربا معنى إلا القرض إلى أجل بشرط زيادة. وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بياعات أخرى أنها ربا، فعُلِم أن الربا في عُرف الشرع أعم منه في عُرف أهل اللغة، فثبت النقل والإجمال.

والجواب: أن هذا الاستدلال لا يتم إلا بمقدمتين:

الأولى: أن لفظ الربا لغةً أو عُرفًا سابقًا نزولَ القرآن لا يعم البياعات التي نصَّت السنة أنها ربا.

الثاني (١): أن تكون السنة نصَّت على ما يعلم منه أن تلك البياعات يتناولها لفظ الربا في القرآن بعموم لفظه.

فأما المقدمة الأولى، فقد ادَّعى الجصَّاص ــ كما تقدم ونقله صاحب الاستفتاء ــ أن الربا الذي كان متعارفًا بين العرب «إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجلٍ بزيادة على مقدار ما استقرض».

وقال الفخر الرازي في «تفسيره» (٢) كما نقله صاحب الاستفتاء أيضًا:


(١) كذا في الأصل بالتذكير.
(٢) (٧/ ٦٢) ط. دار الفكر.