للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له عِوضَها.

قلت: قد صرَّحوا بأنه ليس بعوض حقيقةً، وإنما هو هبة مبتدأة، ويدلك على أن الهبة مع ذلك لم تصِرْ معاوضة سقوط حق الرجوع بنحو تصرف الموهوب له في الهبة.

وفي «تنوير الأبصار مع شرحه الدر المختار» (١) في ذكر عوض الهبة المطلقة: «(ويُشترط فيه شرائط الهبة) كقبضٍ وإفراز وعدم شيوع ولو العوض مجانسًا أو يسيرًا».

قال في حاشية «قرة عيون الأخيار» (٢): «وذلك لأن العوض ليس ببدلٍ حقيقةً، إذ لو كان كذلك لما جاز بالأقل للربا، يحقِّق ذلك أن الموهوب له مالك للهبة، والإنسان لا يُعطي بدلَ ملكه لغيره، وإنما عوضه ليسقط حقُّه في الرجوع. وأيضًا فإنه لما كان العوض تمليكًا جديدًا، وفيه معنى الهبة المبتدأ، ولذا شرط فيه شرائطها، فيجوز بأقل من الموهوب ولو من جنسه، لا فرقَ بين الأموال الربوية وغيرها، ولو كان عوضًا من كلِّ وجه لامتنع في الأموال الربوية إلَّا مثلًا بمثلٍ يدًا بيدٍ عند اتحاد الجنس» (قرة عيون الأخيار ج ٢ ص ٤٣٨).

فإن قلت: فقد قالوا في الهبة بشرط العوض: إنها تبرعٌ ابتداءً.

قلت: خالف في ذلك زفر منهم والشافعية وغيرهم، فقالوا: إنها بيعٌ مطلقًا. واعترف قاضيخان في «فتاويه» (٣) بأن القياس أنها بيع، والقول بأنها


(١) (٨/ ٤٧٢، ٤٧٣) بحاشية «قرة عيون الأخيار».
(٢) (٨/ ٤٧٣) ط. دار الفكر ببيروت.
(٣) (٣/ ٢٧٩).