ذلك فرَّق الشارع بينهما مراعاةً للَّفظ، فدلَّ ذلك على أن للَّفظ أثرًا في الفرق، وإذا ثبت أن للَّفظ أثرًا في الفرق بطلَ قولكم: إنه لا فرقَ بين بيع الدراهم بأكثر منها إلى أجلٍ، وبين إقراضها ليردّ أكثر منها، بل يكون الثاني بيعًا أو في معنى البيع، فيجب أن يكون حكمه حكم البيع».
والجواب أن بين بيع الدراهم بمثلها إلى أجلٍ وبين إقراضِها ليردّ مثلها فروقًا:
الأول: أن الشارع استحبَّ القرض وندبَ إليه، ورغَّب فيه، ووعدَ بالثواب عليه، ولم يأتِ مثلُ ذلك في البيع. وهذه المعاملة يصحُّ اعتبارها قرضًا ويصحُّ اعتبارها بيعًا، فإذا عدلَ المتعاقدان عن الصيغة المستحبة المرغَّب فيها إلى الصيغة التي ليست كذلك، استحقَّا أن يُشدَّد عليهما.
الفرق الثاني: أنه قد تقدم أن الشارع سلخَ القرضَ عن البيع بتنزيله منزلةَ العارية، وكأن المردود هو عين المأخوذ، وإنما فعل ذلك تسهيلاً للمعروف والصلة، [ ......... ] فقد خالفَا ذلك التنزيل، فلا يستحقانِ التسهيل.
[ص ١١] الفرق الثالث: أن البيع موضوع للمغابنة، فصيغتُه تُشعِر بذلك. والقرض موضوع للمعروف والصلة، وصيغتُه تُشعِر بذلك. والشارع إنما نزَّل القرضَ منزلةَ العارية تسهيلاً للمعروف والصلة، فإذا عَدلَ المتعاقدان إلى الصيغة التي تُشعِر بخلافِ ذلك لم يستحقَّا هذا التسهيلَ.
الفرق الرابع: أن هذه المعاملة قد لا تكون معروفًا وصلةً في الواقع، كأن يريد المعطي سفرًا أو يخاف سرقةً أو غصبًا، أو أن لا يصبر عن إنفاق الدراهم إذا بقيت تحتَ يده، ويخاف إذا أودعَها أن يتلَف فلا يكون على