للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي أسلفتم، وسقطَ الربا.

والسَلف هو القرض كما لا يخفى، فهذا يدلُّ أن أهل الجاهلية قد كانوا يُقرِضون بالربا، ومثل ذلك يؤخذ من تفسير الحسن والسدي للربا في آية الروم بأنه الربا المحرم كما تقدم، وهي ظاهرة في القرض بشرط الزيادة، كما أوضحناه فيما مرَّ.

فكأن غالب أهل الجاهلية كانوا يتكرمون عن اشتراط الزيادة في القرض، وكان بعضهم يفعله صراحًا أو يحتال عليه بالعينة. ولم يطلع مجاهد وقتادة وزيد بن أسلم وسعيد بن جبير ــ إن كانوا أرادوا الحصر ــ على أنه قد كان من أهل الجاهلية من يفعل ذلك، فلهذا اقتصروا على الزيادة على الدين، وفسَّروا الربا في آية الروم بالهدية التماسَ الزيادة. واطلع الحسن والسدّي على ما لم يطلع عليه أولئك. ومن حفظ حجةٌ على من لم يحفظ، والله أعلم.

على أنه من المحتمل أن يكون زيد بن أسلم لاحظ في تفسير ربا الجاهلية قول الله عزَّ وجلَّ: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}، فبيَّن كيف كانوا يصنعون حتى يصير الربا أضعافًا مضاعفة (١)، فتدبَّرْ.

* * * *


(١) انظر «تفسير الطبري» (٦/ ٥٠، ٥١).