للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما تضمنه هذا الأمر من ردّ الهدية التي يُهديها المستقرض عند القضاء قد عرفت وجهه مما تقدم، وهو أنه علل ذلك بقوله: «إنك بأرضٍ الربا فيها كثير فاشٍ» أي: فالعادة والنية والتهمة أوجبت ذلك. وبهذا خرج عما دلَّت عليه الأحاديث في حسن القضاء كما سبق، والله أعلم.

وقال صاحب الاستفتاء في موضع آخر: أثر عبد الله بن سلام مضطرب ومعلول.

كذا قال، وهذه قاعدة أخرى له ولأستاذه في «شرح الترمذي»، يعمد إلى الأحاديث التي تخالفه وتكون بغاية الصحة، فيذكر اختلافًا لفظيًّا أو قريبًا منه أو معنويًّا والترجيح ممكن، فيزعم ذلك اضطرابًا قادحًا. وليس هذا سبيل أهل العلم، وكأنه أراد بالاضطراب هنا ما قدَّمناه من مخالفة رواية بُريد لرواية سعيد، وبالعلة مخالفة رواية بُريد لأحاديث حسن القضاء. وقد مرَّ الجواب عنها، والله أعلم.

وأخرج البيهقي من طريق ابن سيرين أن أبي بن كعب أهدى إلى عمر بن الخطاب من ثمرة أرضه فردَّها، فقال أُبي: لِمَ رددتَ عليَّ هديتي وقد علمتَ أني من أطيب أهل المدينة ثمرةً؟ خذ عني ما تردّ عليّ هديتي. وكان عمر رضي الله عنه أسلفَه عشرةَ آلاف درهم. قال البيهقي: هذا منقطع. «سنن البيهقي» (ج ٥ ص ٣٤٩).

وانقطاعه أن ابن سيرين لم يدرك عمر. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» (١) من طريق أخرى عن ابن سيرين، وزاد فيه زيادة حسنة، ولكنه


(١) (٦/ ١٧٧).