للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الغريم.

وهذا باطل، بل لصاحب الحق مطالبة لهما اجتماعًا وانفرادًا وتوزيعًا، كما حرِّر ذلك في «مختصر أبي شجاع» فما فوقه.

ولذلك راجعنا القاضي، فأجاب علينا أنه وقع الإبراء من الغرماء والمدعي معهم، وأن هذه المسألة نظيرة العفو عن القصاص الممثَّل بها للقاعدة المشهورة: «ما لا يقبل التبعيض فاختيار بعضه كاختيار كلّه ... » إلخ. ففهمنا من فحوى هذا أن الإبراء صدر من بعض الغرماء دون هذا المطلب، وإنما حكم عليه تبعًا لهم، وذلك واضح البطلان.

فراجعناه مرةً أخرى، وسألناه هل نطق هذا المطالب حينئذٍ بالإبراء، فإن نطق فبأيّ صيغ الإبراء؟ عملًا منا بما قاله في «شرح الروض» (١) بعد قول المتن: «وإن قال وهو في محل ولايته: حكمتُ بطلاق نساء القرية، قُبل بلا حجة»: لقدرته على الإنشاء حينئذٍ، بخلاف ما لو قاله على سبيل الإخبار، فلا يقبل قوله. كذا صرَّح به البغوي، وهو مقتضى كلام الأصل. وينبغي أن يكون محله ما لو أسنده إلى ما قبل ولايته، قاله الأذرعي. وما قالوه من قبولِ قوله ظاهر في القاضي المجتهد مطلقًا أو في مذهب إمامه، أما غيرهما ففي قبول قوله وقفةٌ. وقد استخرت الله وأفتيتُ في من سُئل من قضاة العصر عن مستند قضائه: أنه يلزمه بيانه، لأنه قد يظن ما ليس بمستندٍ مستندًا كما هو كثير أو غالب.

وفي حاشيته على قول الأذرعي: قال الخادم: هذا إذا لم يسأل، فإن سأله


(١) (٤/ ٢٩٢).