للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحكوم عليه عن السبب فجزم صاحب «الحاوي» وتبعه الروياني بأنه يلزمه بيانه.

إلى أن قال: وخرج من هذا تخصيص قول الأصحاب إن الحاكم لا يسأل أيَّ سؤال اعتراض، أما سؤال في مطلب الدفع عن نفسه فيتعين على الحاكم الإبداء بسجن المحكوم عليه تخلُّصًا.

هذا في القاضي أثناء ولايته، فأما بعد عزله فأولى وأحرى.

فأجاب علينا بأن المطالب عند حضوره لديه تكلم كما تكلم الغرماء، ولزمه ما لزمهم، ولم يعين الصيغة، فارتبنا في شهادته هذه، حيث إن كلامه في ورقة الحكم صريح في أنه جعل اختيارهم حبس الغريم إبراءً للزعيم. وبعد أن راجعناه أفهم تنظيره بمسألة القصاص من القاعدة المذكورة آنفًا أنه لم تقع البراءة إلّا من بعض الغرماء، فألزمَ الحكمَ الجميعَ. وجوابه الأخير علينا يوافق ذلك، حيث قال: إن هذا المطالب تكلَّم كما تكلَّم الغرماء ولزمه ما لزمهم.

والقاضي ــ عافاه الله ــ غير بعيد عن الوهم، مع أنه الآن متهم، لأنه قد يدفع بهذه الشهادة عن نفسه عارَ الغلط الواضح، وقد قال في «الروضة» (١) في باب ما يُردّ به الشهادة: «السبب الخامس: أن يدفع بالشهادة عن نفسه عار الكذب، فإذا شهد فاسق وردَّ القاضي شهادته ثم تاب بشرط التوبة، فشهادته المستأنفة مقبولة بعد ذلك. ولو أعاد تلك الشهادة التي رُدّت لم تُقبل».


(١) روضة الطالبين (٨/ ٢١٦) ط. دار عالم الكتب.