قال المناوي في شرحه بعد الوجه الأول: وبذلك أفتى ابن الصلاح، واعتمده ابن الرفعة فقال: الذي أراه أنها لا تُسمَع، وعليه بيان السبب كيفما كان، سدًّا لباب الاحتمال ونفيًا للريب، كما في النفي المحصور المضاف إلى زمن مخصوص محصور، بعد أن فصَّل عن قضية كلام الماوردي تفصيلًا حسنًا، وهو أنه إن كان السبب مجمعًا عليه جاز له أن يشهد بالاستحقاق، وإلّا فلا.
وقال الشارح بعد الوجه الثاني: قال الأذرعي في «التوسط»: وهو أي سماعها ظاهر المذهب المنصوص، لكن المختار ما ذكره أبو عمرو من المنع، ولا شك أنه الأحوط وإن كان ظاهر المذهب خلافه.
ثم نقل عن صاحب «الغنية» وتلميذه الزركشي أن الأول هو القياس والراجح دليلًا والمختار، والأول هو المذهب المنقول.
وإذ قد صحَّ أن الأول هو منصوص «الأم» و «المختصر» فهو الأولى بأن يكون المذهب، وقد يُفصَّل بأن يقال: إن حدثتْ في القضية تُهَمٌ قوية فالأول، وإلّا فالثاني. وقضيتنا الحادثة قد سبق بيان التهم التي فيها، فتعيَّن الإبراء. والقاضي ــ عافاه الله ــ ممن يدّعي الاجتهاد ويَهِم كثيرًا، وهذه الشهادة والحكم ببقاء الضمان وعدم صحة ... نعم لو فرضنا صدور الإبراء فهو بصريح ورقة الحكم، وإنما صدر بعد التخيير الذي يُفهِم الغرماء أنه ليس لهم مطالبة كلٍّ من الغريم والزعيم، بل يختارون أحدهما ويُبرِئون الآخر، وإلا لم يتوصَّلوا إلى الضبط بمالهم، فحينئذٍ يكون إبراؤهم مبنيًّا على ظنّهم أنه ليس لهم مطالبة الغريم إلّا بعد إبراء الزعيم.