ومن شأن تلك الاجتهادات أن تؤدّي كثيرًا إلى ما يخالف نصوص الشرع ومقاصده، وإلى ما يخالف كلام الأئمة وقدماء أصحابهم، وهذا هو الواقع. كما أن كثرة الاختلاف في كل مذهب وتعارض التصحيح والترجيح مما لا يخفى على أحد، وإن حاول المتأخرون التخفيف من ذلك.
ومع انتشار هذه المذاهب فلم تُطبِق الأمة على هجر الكتاب والسنة، بل بقي النظر في التفسير وجمع السنة وترتيبها والكلام في الروايات وجمع الأدلة واستنباطها من الكتاب والسنة مستمرًّا. ومن وطَّن نفسه على الإنصاف علم أنه يقع من المتقيدين من علماء المذاهب في كثير من المواطن ميلٌ عن الإنصاف وحيفٌ على الأدلة، يوقعهم في ذلك حرصُهم على الانتصار للمذهب.
هذه خلاصة مباحث هذه الرسالة التي دعا فيها المؤلف فقهاء المذاهب إلى سلوك جادّة الصواب، والاعتناء بالكتاب والسنة، والكلام على الأحاديث والاستنباط منها دون تعصُّب، كما كان عليه الأئمة المتقدمون.
وفي الختام أرجو أن أكون قد وُفّقت في قراءة هذه الرسائل والتعليق عليها، وأدعو الله أن ينفع بها طلاب العلم وأهله، ويجزي المؤلف خير الجزاء على ما قام به من خدمة لعلوم الشريعة، إنه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين.