والجواب: أن الحجة قائمة على فرضية اتباع السنة، وأن فيها ما ليس في القرآن، وإذا ثبت وقوع ما يستبعد الإنسان وقوعه لم يبق موضع للاستبعاد، وإنما هو بعد ذلك أحد رجلين:
إما مرتابٌ يعدّ جهلَه بالحكمة دليلًا على عدمها، ثم يطعن في الدين من أصله.
وإما مؤمن يعلم أنه لا نسبة لعقله وفهمه وعلمه ومعرفته إلى علم رب العالمين وحكمة أحكم الحاكمين، فإما أن لا يُتعِب نفسه في البحث عن الحكمة؛ لعلمه بأنه لا بدّ من حكمة بالغة، ولا يضره جهلها، والأولى به أن يصرف أوقاته فيما كلِّف به من الطاعات. وإما أن يتضرع إلى الله عزَّ وجلَّ أن يُفهِّمه، ويتدبر ويتفكر لعله يعرفها، فإن عرفها حمِدَ الله عز وجل على ذلك، وإلا لم يَرتَبْ ولم يتزلزل يقينه بأنه لا بد من حكمة بالغة.
فأما المؤمن أو من يدعي الإيمان فهذا يكفيه، ولستُ بصدد التفحص عن الحكم، وأما المرتاب فحقه أن تقام عليه الحجج على أصل الإسلام، ولا يُتشاغل معه بالنظر في الجزئيات؛ لوجوه:
الأول: أنها كثيرة، فإذا أثبتَّ له الحكمة في شيء أورد عليك غيره، وهكذا.
الثاني: أن أحدنا لا يحيط بحِكَم الله عز وجل، فلا بد أن يقف عند بعضها.
الثالث: أن من قبِلَ حجج الإسلام واطمأن بها حصل له الجواب عن تلك الأمور كما قدمنا، ومن لم يقبلها ولم يطمئن بها فلا يرجى أن ينتفع بما