قيل: فما بالها نقلت غير الصحيحة في ذاك المعنى نفسه؟
وأنا أقول: أما الحكم بالضعف على الخبر المنقول نقلًا تقوم به الحجة، فلا وجه له. غاية الأمر أن يجوز أن يكون مستند الإجماع غيره، وهذا لا يضر ذلك الخبر بل يفيده قوة؛ لأنه على أحد الاحتمالين مجمع على صحته، وعلى الاحتمال الآخر صحيح في نفسه، وله شاهد مجمع عليه.
وبعد، فإذا سلِّم الإجماع على الحكم لم تبق فائدةٌ لإنكار كون الخبر مجمعًا على صحته؛ لأن الحكم هو المقصود.
[ص ٣٣] وههنا مسائل:
الأولى: إذا صح من جهة الرواية خبر، ونُقل تصحيحه عن جماعة، ولم يُعلم لهم مخالف، ونُقل القول بالحكم الذي دل عليه عن جماعة، ولم يُعلم لهم مخالف ممن مضى، فهل يكفر منكره؟
أقول: فيه نظر، وله موضع آخر.
الثانية: هل يُعامَل معاملة القطعي في النسخ؟
أقول: أكثر أهل المذاهب يرون نقل الحكم عن جماعة ممن مضى، ولا يُعلم لهم مخالف= إجماعًا يدل على ناسخ، فيجزمون بالنسخ، حتى لو كان الحكم الآخر منصوصًا في كتاب الله عز وجل، ففي هذه الصورة أولى.
الثالثة: هل يثبت به الفرض وغير ذلك، عند من يفرق بين القطعي والظني في الأحكام؟
أقول: المفرِّقون يعدّون هذا الإجماع قطعيًّا، وعلى ذلك فيثبت به الفرض وغيره عندهم، ففي هذه الصورة أولى.