للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثقة غير معصوم عن الخطأ إجماعًا، والنقل عن الإمام أحمد نفسِه كثير لبيان أغلاط المحدثين الثقات.

وظنُّ الغزالي قوي؛ فإن العلم كثيرًا ما يطلق في اللغة على ما يعمُّ اليقين القاطع، والظنَّ الغالب الناشئ عن دليل من شأنه إفادة الظن الجازم، ولذلك قال تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر: ٥]. وسيأتي لهذا مزيدٌ إن شاء الله تعالى.

والإمام أحمد وداود والكرابيسي والمحاسبي بغداديون، وكان في عصرهم ببغداد طائفتان كانوا معهما في نزاع مستمر:

الأولى: الجهمية ونحوهم. وكانت تطعن في الأحاديث الواردة في صفات الله عز وجل، وأحوال يوم القيامة، ونحوها، قائلةً: هذه أخبار آحادٍ غاية ما تفيده الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا، والعقائد إنما تستمدُّ من البراهين القطعية.

الثانية: بعض الغلاة في الرأي، كبشر المريسي. وكانوا يردون الأحاديث، تارةً بدعوى أنها مخالفة لظاهر القرآن، وتارة بأنها مخالفة للقياس.

فإذا قيل لهم: دلالة تلك الظواهر ظنية، والأحاديث تفيد الظن، فالصواب إنما هو العمل بهما بحمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد، ونحو ذلك.

قالوا: من الظواهر عندنا ما يفيد العلم، والقياس عندنا قد يفيد العلم.