للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجهة الثانية: سياق الآيات.

قال الله عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ ... (٣١) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ ... (٣٣) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ ... وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ... (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ... (٣٥) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ... (٣٦) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ... } [الإسراء: ٣١ - ٣٧].

فالسياق في النهي عن مظالم تقع بين الناس، كما ترى، وذلك يقتضي أن يكون قفو ما ليس به علم من هذا القبيل. وهذا إنما يصلح له المعنى الأول والثالث.

الجهة الثالثة: مراعاة نظير الآيات في القرآن.

قال الله عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ ... وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ ... وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ ... (١٥١) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ ... وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ... وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} [الأنعام: ١٥١ - ١٥٢].

والذي يقابل قوله تعالى في "الإسراء": {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} هو قوله في "الأنعام": {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}. فينبغي تقاربهما في المعنى إن لم يمكن اتفاقهما. وهذا إنما يصلح في المعنى الأول للقفو، فإنه رمي الناس بالسوء بغير علم، وهو قول بغير عدل.

ثم نقول: قوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} عام في كل قول في معاملات الناس؛ لأن قوله {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} لا يوجب تخصيصه