للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجاب: بأن ردَّ خبر الصبي والفاسق والكافر مطلقًا من تخصيص العلة، وهو غير قادح عند جماعة من علماء الأصول، كما هو رأي الحنفية.

قال عبد الرحمن: الحق أن العلة لا بدَّ من سلامتها من النقض، لكن قد ينتفي الحكم مع وجودها، لفقد شرطٍ أو لوجود مانعٍ منعَ من تأثيرها. فإذا عُرِف في الصورة التي ينتفي فيها الحكم مع وجود العلة أنه انتفى فيها شرطٌ أو وُجِد مانع= لم يكن ذلك نقضًا. وذلك كالزوجية علة للإرث، ولا ينقضها أن أحد الزوجين إذا قتل الآخر لم يرِثْه، لأن ذاك لمانع، وهو القتل.

فأما أن تنتفي مع وجودها بشروطها وعدمِ مانعٍ، فلا يجوز. فإن اعتُرِض على علة بمثل هذا فهو قادح فيها البتةَ.

فإن كانت منصوصةً فلا تخلو عن وجوه:

أحدها: أن يكون هناك وصف لا بد أن يُضمَّ إليها، وهو غير موجود في صورة النقض.

الثاني: أن يكون لها شرط كذلك، أي غير موجود في صورة النقض.

الثالث: أن يكون في صورة النقض مانع.

وقبل أن يتبين واحد من هذه الثلاثة لا يمكن الجزمُ بأنها علة تامة.

وعلى هذا، فقد يجاب عن المذكور بجواب أصح مما ذكر:

فيقال: أما الصبي فلا نسلِّم أن خبره يفيد الظن في الأمور المهمة، وذلك أن المانع من الكذب إمّا خشية الله والخوف من عذاب الآخرة، وإمّا الخوف من الضعة عند الناس، والصبي خالٍ من الأول، لعلمِه أن القلم مرفوع عنه. وعن الثاني لأنه لم يبلغ المبلغ الذي يكون للشرف عند صاحبه