للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيمةٌ، بل يرى أنه إن تبيَّن كذبُه فالناس يعذرونه بالصغر.

وأما الفاسق فقد تبين بظهور فسقه ضعفُ خشيته من الله، وخوفِه من عذاب الآخرة، وضعفُ خوفه من الضعة عند الناس. ومع ذلك، فالفسق مانع من قبول خبره، زجرًا له وتنفيرًا له ولغيره عن الفسق؛ لأن الإنسان إذا رأى أن الفسق يحطُّه عن درجة من يُقبَل خبره كان ذلك مما يردعه ويزجره.

وأما الكافر فلا يصدُّه عن الكذب على المسلمين خشيةٌ من الله ولا من عذاب الآخرة.

وخشية الضعة عندهم إذا ظهر كذبه يعارضها رجاؤه الرفعةَ عند إخوانه من الكفار؛ لأنه هو وهم أعداء للإسلام وأهله، ومع ذلك فهذه العداوة مانع من قبول خبره، والمانع الذي ذكرناه في الفاسق قائم هنا أيضًا.

[ص ٩] وقد يُخدَش في بعض هذا الجواب بما قد يمكن دفعه، وقد يُعترض بغير ما ذكر، وبسط ذلك يطول. وعلى كل حال، فلا يخلو الاحتمال الأول من خدشةٍ، فلننظر في الاحتمال الثاني.

فأقول: قد يشهد له ما عُرف من تفاوت درجات الظن، ومن ضبط الشارع له في الشهادة ضوابط مختلفة، تارة بأربعة رجال بشرطهم، وتارة برجلين كذلك، وتارة برجل وامرأتين، إلى غير ذلك.

وقد يُعترض عليه باتفاق أهل العلم في الجملة على رد بعض أخبار الثقات، والحكمِ عليها بأنها خطأ، وتوقفهم فيها، مع اختلافهم في ما علل بالمظنة، وهي ضابط الحكمة: هل يثبت الحكم مع ثبوته حتى في الصور التي يتبين فيها عدم الحكمة، كلحوق نسب ولد المرأة بزوجها الذي لم يجتمع بها قطعًا؟