للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير: "ثم إنَّ علينا بيان ما فيه من حلاله وحرامه وأحكامه لك مفصلةً ... عن ابن عباس: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} يقول: حلاله وحرامه، فذلك بيانه، ... عن ابن عباس: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} قال: تبيانه بلسانك". "تفسيره" (٢٩/ ١٠٣) (١).

وإذ كان كذلك، فمن المحال أن يُلصَق بالشريعة ما ليس منها على وجهٍ لا يمكن أهلَ العلم نفيُه عنها؛ لأن ذلك منافٍ للحفظ الذي تكفّل الله عز وجل به.

غاية الأمر أنه قد يشتبه الأمر على بعض أهل العلم، ويبينه الله تعالى لغيره.

فإذا استمر الحال على توثيق رجل ولم يطعن فيه أحد بحجة، فقد يقال: إنه من المحال أن يكون ذلك الرجل ممن قد يكذب في الحديث. إذ لو كان كذلك لفضحَه الله تعالى؛ لِما يلزم من سَترِه من التصاقِ مرويِّه بالشريعة، وهو خلاف ما تكفَّل الله عز وجل به من حفظِهَا.

نعم، يبقى احتمال الغلط في بعض ما روى، ولكنه لا بد أن ينبه الله عز وجل عليه بعض أهل العلم. فإن استمر الحال على إثبات حديث ولم يتبين فيه خطأ فقد يقال: إنه صار مقطوعًا بصحته.

وهذا بخلاف الشهادة؛ فإنها قد تكون باطلة في نفس الأمر ولا يفضحها الله عز وجل؛ لأنها في واقعة واحدة لا تقتضي الحكمة أن لا يقع الحكم بها، كما في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: "إنكم تختصمون إليَّ [ولعلَّ بعضكم ألحنُ بحجته من بعض، فمن قضيتُ له بحقّ أخيه شيئًا بقوله فإنما أقطعُ له


(١) (٢٣/ ٥٠٤) ط. هجر.