لم يلزمه ذكره، وإنما يلزم الاجتهاد في معرفة حاله العامل بخبره، ولأن ما قالوه بمثابة من قال: لو علم الراوي عدالة من روى عنه لزكّاه".
ثم أسند إلى أبي غسّان أنه قال: نا جرير عن أبي فهر قال: صليت خلف الزهري شهرًا، وكان يقرأ في صلاة الفجر:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فقلت لجرير: من أبو فهر هذا؟ فقال: لص ... ".
ثم أسند إلى شعبة قال:"سفيان ثقة يروي عن الكذابين".
وعن عمرو بن علي:"قال لي يحيى: لا تكتبْ عن معتمر إلا عمن تعرف؛ فإنه يحدِّث عن كلٍّ".
ثم قال:"فإن قالوا: إذا روى الثقة عمن ليس بثقة ولم يذكر حاله كان غاشًّا في الدين، قلنا: نهاية أمره أن يكون حاله كذلك مع معرفته بأنه غير ثقة، وقد لا يعرفه بجرح ولا تعديل، فبطل ما ذكروه".
قال عبد الرحمن: أما من بيَّن جرحَ من روى عنه أو أنه لا يعرفه، فلا كلام فيه، وكذلك من لم يبيِّن مرةً وقد بيَّن في أخرى؛ إذ الظنُّ به أنه اتكل على بيانه السابق، ولم ير حاجة لإعادة البيان عند كل رواية، وقد يكون هذا حال شعبة في روايته عن جماعة قد قدح فيهم، مع ما اشتهر عنه أنه لا يروي إلا عن ثقة. يعني ــ والله أعلم ــ فإذا روى عن غير ثقة فإنه يبين ذلك.
وكذلك من روى عن رجل قد اشتهر بين الناس أنه مجروح، وإن لم يُنقل عنه أنه جرحه؛ إذ لعله اكتفى باشتهار حاله.
فأما من روى ــ ولم يبيِّن ــ عن رجل لم يجرحه هو ولم يشتهر بالجرح فالكلام فيه.