احتج القائل إن ذلك تعديل بأنه لو كان مجروحًا لبيَّن الراوي ذلك، وإلا كان غاشًّا في الدين.
وأجاب الخطيب بثلاثة أجوبة:
الأول: أنه قد يكون الراوي جاهلًا بحال الشيخ، لا يعرِف منه عدالةً ولا جرحًا.
الثاني: أنه لو علم منه جرحًا لم يلزمه بيانه، وإلا للزمه إذا روى عن عدل أن يبين عدالته.
الثالث: أن جماعة من أهل العلم قد رووا عمن علموا جرحه ولم يجرحوه.
وقد يُدفَع الجواب الأول بأنه لو كان لا يعرف حاله لبيَّن ذلك، نصيحةً لله ولدينه ولعباده، وفي الحديث:"الدين النصيحة"(١).
وبهذا عُلِم ما في الجواب الثاني. أما قوله:"لو لزمه ذلك لزمه إذا روى عن عدل أن يبيِّن" فمدفوع بأن ظاهر الراوية مع السكوت يُفهِم العدالة، فجاز الاكتفاء بذلك.
وأما الجواب الثالث فغاية ما يثبت به فعل بعض من العلماء، فحال ذلك كحال التدليس، [ص ١٦] وعامةُ الناس على أن رواية الثقة عمن عاصره ــ وشرطَ البخاريُّ وشيخه ابن المديني مع المعاصرة اللقاء ــ محمولةٌ على السماع وإن لم يصرِّح به، إلا أن يُعرف بالتدليس. وذلك كأن يقول البخاري: حدثنا الحميدي عن سفيان. فهذه الصيغة عندهم مثل قوله: حدثنا الحميدي