للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن هو ولا غيره يرى في ذلك حرجًا، كيف وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: "بلِّغوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومَن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"، رواه البخاريُّ وغيره (١).

ومَن تَتَبَّع ما يُرْوَى عن ابن عبَّاسٍ وغيره من الصحابة رضي الله عنهم من التفسير عَلِمَ صحَّة ما قلناه. وفي تفسير ابن جريرٍ عدَّة آثارٍ في سؤال ابن عبَّاسٍ كعبَ الأحبار عن أشياء من القرآن، وسؤاله غير كعبٍ من أحبار اليهود. والله أعلم.

فإن قيل: إن هذه القصة تتعلَّق بالدين تَعَلُّقًا عظيمًا؛ فإن فيها نسبة جبريل عليه السلام إلى ما علمت، فكيف يحكيها ابن عبَّاسٍ ولا يشير إلى بطلانها إن كانت باطلة؟

قلت: ارجع إلى الاحتمالات التي مرَّت في جواب الأمر الرابع (٢)، وقد يكون الحبر رأى أن القصة إن صحَّت فإنما فعل جبريل عليه السلام ما فعل بأمر الله تعالى تنفيذًا لما علمه عزَّ وجلَّ وقضاه وسبق به دعاء موسى وهارون عليهما السلام وإجابة الله تعالى دعوتهما.

ودونك الآيات: [١٦٤] {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ


(١) صحيح البخاريِّ، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذُكِر عن بني إسرائيل، ٤/ ١٧٠، ح ٣٤٦١. [المؤلف]. وانظر: جامع الترمذيّ، كتاب العلم، باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل، ٥/ ٤٠، ح ٢٦٦٩، من حديث ابن عمرٍو رضي الله عنهما.
(٢) وهو ما يتعلَّق بقصَّة هاروت وماروت.