للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظاهر، دالة على إرادة غيره إرادةً سائغة، وليست في المثال الثاني كذلك.

فإن قيل: فإذا كان صاحب «التلخيص» بنى على تلازم التأويل والقرينة كما زعمتَ، فهلّا اكتفى بأحدهما؟

قلت: كأنه أراد أن ينبِّه على أن كلًّا منهما مقصودٌ لذاته، فالتأويل هو الذي يدفع الدعوى الباطلة، والقرينة كالشرط له، والقرينة هي التي تدفع الكذب، والتأويل كالشرط لها.

وذكر ابن السبكي في «جمع الجوامع» (١)

ما نُسب إلى بعض الظاهرية من نفي وقوع المجاز في الكتاب والسنة، فقال المحلي في شرحه (٢): «قالوا: لأنه كذب بحسب الظاهر، كما في قولك للبليد: هذا حمار، وكلام الله ورسوله منزه عن الكذب. وأجيب بأنه لا كذب مع اعتبار العلاقة».

اعترضه بعضهم (٣) بأن الذي يدفع الكذب هو القرينة، فكان ينبغي أن يقول: لا كذب مع وجود القرينة.

ويجاب عن هذا بأجوبة:

الأول: أن القرينة عند الأصوليين شرط، فالمراد اعتبار العلاقة على الوجه المعتدّ به، وإنما يكون ذلك بوجود الشرط، وهو القرينة.

الثاني: أن يقال: مراده باعتبار العلاقة اعتبارها من كلٍّ من المتكلم والمخاطب، فاعتبار المتكلم لها ملاحظته لها بالتشبيه والدعوى والتأويل،


(١) (١/ ٣٠٨) بشرح المحلي ..
(٢) المصدر السابق.
(٣) هو البناني صاحب الحاشية على شرح المحلي في الموضع المذكور.