للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبيان استلزام التأويل للقرينة ما نبه عليه شارحه السعد التفتازاني في الكلام على التأويل في المجاز العقلي، فإنه قال (١): «ومعنى التأويل: طلب ما يؤول إليه من الحقيقة، أو الموضع الذي يؤول إليه من العقل، وحاصله أن تنصب قرينة».

قال الدسوقي في حواشيه (٢): «المراد ملاحظة الحقيقة أو الموضع ملاحظة يعتدُّ بها، وهي إنما تكون مع القرينة ... ».

فالحاصل أن التأويل الذي يعتد به هو ما كان مع القرينة، فلا اعتداد بالتأويل الذهني الذي لا قرينة معه.

وأما استلزام القرينة للتأويل، فلأن القرينة هي الدليل الذي يمنع من إرادة المتكلم للظاهر، ويدل على إرادته غيره، وهذا إنما يتحقق في نحو قولك ــ مشيرًا إلى رجلٍ ــ: «أرى أسدًا»؛ لأمرين:

الأول: أن المخاطب يرى أنك عاقل لا تكابر ولا تعبث، فيبعد أن تريد أن الرجل أسد حقيقة.

الثاني: أن هناك مسوغًا واضحًا للتأويل، بأن تكون أردت أن الرجل شجاع، فشبهته بالأسد، وادعيت وتأولت على ما هو معروف.

فأما إذا أشرت إلى حصاةٍ قائلًا: «أرى أسدًا» فالأمر الثاني منتفٍ، وبانتفائه يضعف الأمر الأول.

فالمشاهدة والإشارة قرينة في المثال الأول؛ لأنها مانعة من إرادة


(١) انظر «شروح التلخيص» (١/ ٢٣٤).
(٢) المصدر السابق.