فبنى السكاكي عليها فعبَّر بالكذب، وكذلك بنى عليها السيد الجرجاني، ففسَّر الكذب بالكذب العمد.
أما الشارح العلامة فكأنه لاحظ تلك الصور كلها، ورأى أن المشترك بينها جميعًا هو مخالفة الخبر لما في الضمير، أي للمعنى الذي يضمره المتكلم في نفسه، ففسر الكذب بذلك.
ثم جاء صاحب «تلخيص المفتاح»، فعدل عن عبارة «المفتاح»، إلى قوله (١): [والاستعارة تفارق الكذب بالبناء على التأويل ونصبِ القرينة على إرادة خلاف الظاهر].
والظاهر أنه بنى على تسمية الدعوى الباطلة كذبًا، وقد تقدم وجه ذلك، ثم ضم هذا الكذب إلى الذي سماه السكاكي كذبًا، فكأنه قال: والاستعارة تفارق الكذب الذي سماه السكاكي دعوى باطلة، والكذب الذي سماه كذبًا، بالتأويل والقرينة.
وعبارته تحتمل معنيين:
الأول: أن يكون أراد أنها تفارق الكذب الذي هو الدعوى الباطلة بالتأويل، وتفارق الكذب الآخر بالقرينة.
المعنى الثاني: أن يكون بنى على أن التأويل والقرينة متلازمان، إذا وُجِد أحدهما وجد الآخر، فالاستعارة تفارق كلًّا من الكذب بقسميه بكلٍّ من التأويل والقرينة.