للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشؤومًا، فقال مخبرًا لغيره: «رأيت غرابًا»، وأراد إنسانًا مشؤومًا، ولكن لم ينصب قرينة= يكون كاذبًا، ويكون الكلام كذبًا؛ لأن المعنى المفهوم منه غير مطابق للواقع.

وهؤلاء قد لا يذكرون القرينة عند تعريف المجاز؛ لأنها عندهم ليست ركنًا له، ولكن يعلم من مواضع أخرى من كلامهم أنه لا بد منها، على حسب ما ذكرنا.

ونقلوا عن الظاهرية منع وقوع المجاز في كلام الله عز وجل وكلام رسوله. قال المحلي في «شرح جمع الجوامع» (١): «قالوا: لأنه كذبٌ بحسب الظاهر، كما في قولك للبليد: هذا حمار، وكلام الله ورسوله منزه عن الكذب».

ثم قال: «وأجيب: بأنه لا كذب مع اعتبار العلاقة».

اعترضه بعضهم (٢)، فقال: «إذا تأملت قول المجيب: مع اعتبار العلاقة، وقول المستدل: بحسب الظاهر= وجدت الجواب غير ملاقٍ للدليل، والمناسب سوق الدليل مجردًا عن قوله: بحسب الظاهر».

أقول: سوق الدليل مجردًا عنها لا وجه له؛ لأنها من كلام المستدل، فأنى يجوز للحاكي إسقاطها؟

ثم قال المعترض (٣): «ثم الكذب لازم لإرادة المعنى الحقيقي،


(١) (١/ ٣٠٨) مع حاشية البناني.
(٢) هو البناني في حاشيته.
(٣) أي البناني في الموضع المذكور.