يتراءى له أن هذا كذب بمنزلة أن تشير له إلى كتابٍ، وتقول: هذا فرس. ثم إذا علم أنك إنما أردت البلادة فهمها، ولكنه كما يفهم المراد من الكلمة الأعجمية.
فيقول الظاهرية: إنه ليس في قولك للرجل: «هذا أسد» كذبٌ في الظاهر، فإن الكلمة موضوعة للرجل الشجاع بشرط القرينة، وقد وُجِدت، بخلاف قولك:«هذا حمار» فإنه كذبٌ في الظاهر، لأن الكلمة لم توضع في أصل اللغة لذلك.
ونظير قولك:«هذا أسد» أن تشير لكاتبٍ إلى حرف «ح» قائلًا: هذا جيم.
ونظير قولك:«هذا حمار» أن تشير له إلى رقم (٣) قائلًا: هذا جيم. فإنه يتراءى له أن هذا كذبٌ، حتى يتنبه للمناسبة بأن حرف (ج) يُعدُّ في حساب الجُمَّل بثلاثة.
فتدبر ما قدمناه وتحقَّقْه، وبذلك يظهر لك أن جواب المحلي ــ تبعًا لمن تقدمه ــ هو المناسب لقول الظاهرية.
وقد ذكر هذا الجواب عينه البهاء السبكي في «عروس الأفراح»(١).
وحاصله: أنه قد عُرِف عن العرب أنها إذا وجدت علاقة معتبرة بين المعنيين، يطلقون لفظ أحدهما على الآخر، وينصبون قرينة، وإن لم يسمعوا من تقدمهم استعمل تلك الكلمة في ذاك المعنى.
وبهذا عُلِم أن الكلمات كما هي موضوعة لمعانيها الخاصة، فهي