للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكروا في الفرق بين الاستعارة والكذب ما يفيد هذا أيضًا، ووقع لبعضهم تخليط هناك، فلا بأس بتحرير المقام.

ذكر السكاكي في «المفتاح» (١) أن الاستعارة ــ وهي مجاز كما لا يخفى ـ تفارق الدعوى الباطلة ببناء الدعوى في الاستعارة على التأويل، أي بملاحظة العلاقة المعتبرة، وتفارق الكذب بنصب القرينة المانعة عن إرادة الظاهر، يعني: والدعوى الباطلة لا تأويل معها، والكاذب لا ينصب قرينة.

وهذا صريح ــ كما لا يخفى ــ في أنها إذا فقدت القرينة، والكلام بظاهره غير مطابق للواقع، فهو كذبٌ، سواءٌ أوُجِد تأويل أم لا.

وقد فُسِّرت عبارة «المفتاح» على ثلاثة أوجه:

الأول: نقل عن شارحه العلامة القطب الشيرازي (٢)، ذكروا أنه فسر «الباطل» بما يكون على خلاف الواقع، والكذب بما يكون على خلاف ما في الضمير.

الثاني: تفسير شارحه السيد الشريف الجرجاني (٣)، ذكر أن السكاكي أراد بالدعوى الباطلة الجهل المركب، وصاحبه مصرٌّ على دعواه، متبرئٌ عن التأويل، فضلًا عن نصب القرينة، وأراد بالكذب: الكذب العمد، وصاحبه لا ينصب القرينة، بل يروج ظاهره، لكن لا مانع من قصد التأويل في ذهنه، فلذا


(١) (ص ٣٧٣).
(٢) انظر «فيض الفتاح» (٤/ ١٥٢).
(٣) المصدر السابق.