للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لله دَرُّ الغانيات المُدَّهِ ... سبَّحْن واسترجعن من تألُّهي (١)

يعني: مِن تعبد وطلبِ الله بعمل (٢)، ولا شك أن التألُّه: التفعُّلُ من أَلَه يألَه، [١٦٦] وأن معنى أله إذا نُطق به: عَبدَ اللهَ، وقد جاء منه مصدر يدلُّ على أن العرب قد نطقت [منه] (٣) بفعل يفعل بغير زيادة، وذلك ما حدثنا ... عن ابن عباس أنه قرأ: (ويذرك وإلاهتك)، قال: عبادتك، ويقول: إنه كان يُعبد ولا يَعبُد ... عن مجاهد قوله: (ويذرك وإلاهتك) قال: وعبادتك ... , فقد بيَّن قولُ ابن عباس ومجاهد هذا أن أَلَه عَبدَ وأن الإلاهة مصدره" (٤).

وقال في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ١٦٣]: "قد بينا فيما مضى معنى الألوهية وأنها اعتباد الخلق، فمعنى قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)} والذي يستحق عليكم أيها الناس الطاعة ويستوجب منكم العبادة معبودٌ واحدٌ وربٌّ واحدٌ، فلا تعبدوا غيره ولا تشركوا معه سواه؛ فإن من تشركونه معه في عبادتكم إياه هو خلقٌ من خَلْقِ إلهكم مثلكم, {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا مثل له ولا نظير ...


(١) ديوانه ١٦٥. والمدَّه: جمع مادهٍ، كالمدَّح: جمع مادحٍ، أُبدِلت الحاء هاءً على لغةٍ لبعض العرب. انظر: الكامل ٢/ ١٠٥١ - ١٠٥٢.
(٢) في طبعة محمود شاكر: "يعني: مِن تعبُّدي وطلبي اللهَ بعملي"، وهو الصواب.
(٣) زيادة من النسخة التي حقَّقها محمود شاكر.
(٤) ١/ ٤٠ - ٤١. [المؤلف]